فصل: الْمَانِعُ الرَّابِعُ: ذَهَابُ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقِيَامِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْمَانِعُ الثَّالِثُ: ظُهُورُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ:

مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ سُكُوتٍ وَهُوَ التَّقْصِيرُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ وَمُكْثٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيَبْطُلُ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ بِالرَّدِّ فَإِنْ عَجَزَ حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَعْلَمَهُ فَيَكْتُبُ لِلْبَائِعِ إِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ تُلُوِّمَ لَهُ رَجَاءَ قُدُومِهِ فَإِذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ قَضَى عَلَيْهِ إِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا مَضَى بَعْدَ اطِّلَاعِهِ وَقْتٌ يُمْكِنُهُ الرَّدُّ فِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا يُعَدُّ رِضًا لِقُرْبِهِ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا وَلَهُ الرَّدُّ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى الْقِصَاصِ وَلَا يُخِلُّ بِهِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يُفْهَمَ الرِّضَا وَقَالَ (ش) بَلِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّرَاخِيَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْفِعْلُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ تَصَرُّفًا وَاسْتِعْمَالًا لَا يَقَعُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا بِرِضًا بِالتَّمَسُّكِ فَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الرِّضَا وَعَدَمِهِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ هَذَا هُوَ الضَّابِطُ ثُمَّ تُذْكَرُ فُرُوعُهُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ بِالْعَيْبِ بِيعَتِ السِّلْعَةُ وَأُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّقْدِ وَمِقْدَارِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ وَمَا فَضَلَ معمراس أَو نقض رَجَعَ بِهِ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ الْبَيْعَ عَلَى الْبَرَاءَةِ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِالرَّدِّ إِلَّا أَن يثبت أَنه اشْتَرَاهُ عَلَى الْعُهْدَةِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ الْعُهْدَةُ وَيَسْتَظْهِرُ بِالْيَمِينِ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ حَيْثُ يُصَدَّقُ وَإِذَا أَنْكَرَ الْبَائِعُ بِأَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ النَّقْدَ أَوْ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ سَفَرِ الْبَائِعِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَرِيمًا وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ عَلَى تَابِعِ الْبَائِعِ لِأَنَّ التَّابِعَ الْغَائِبَ قَدْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ مُعْدَمًا لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ مُنِعَ مِنَ الرِّضَا إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ لَا تُوَفِّي الثَّمَنَ كَبَيْعِ الْمُدَبَّرِ مِنَ التَّبَرُّعِ وَلَوِ اسْتَحَقَّتْ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الرِّضَا لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فِي أَصْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنَّمَا تَلْزَمُ الْبَيِّنَةُ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْحَلِفِ وَإِلَّا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ بَيْعَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْغَالِبُ وَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْعَيْبِ ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إِذَا قَدُمَ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَ بِهِ السُّلْطَانُ لِأَنَّ الْبَيْعَ رِضًا قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ سُلْطَانٌ لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَيُتْبِعُهُ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ فَإِنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ السَّفَرِ بِالدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ: فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ بِالسَّفرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ركونها شَيْء وَتركهَا بَقِيَّةَ السَّفَرِ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا أَوْ عَجَفَتْ نَقَصَهَا أَوْ يَحْبِسُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ لِأَن الِاضْطِرَار مُبِيح مَالَ الْغَيْرِ وَالسَّفَرُ ضَرُورَةٌ وَرَوَى أَشْهَبُ إِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ لَزِمَتْهُ وَإِنْ سَافَرَ لِغَرَضٍ عَلَيْهِ فِي رَدِّهَا مُؤْنَةٌ أَوْ بِثَوْبٍ فَلَبِسَهُ فَلْيُقِمِ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ وعد الْبَرَاءَة يَبِيعهُ الإِمَام على البَائِع فَإِن لم يجد ثلثه فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الرِّضَا بِهِ أَوِ الرَّدُّ إِلَى بَلَدِ الْبَائِعِ وَلَهُ اسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ دُونَ وَطْءِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَعْتَمِدُ الْمِلْكَ الْمُقَرَّرَ وَهَذَا بِصَدَدِ النَّقْصِ وَلِلْحَاضِرِ اسْتِخْدَامُ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ وَيَرْكَبُ الدَّابَّةَ بَعْدَ قِيَامِهِ إِلَى الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ لِأَن عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ: الْمَشْهُورُ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قِيَاسًا عَلَى الْعَقَارِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ: يَنْزِلُ عَنِ الدَّابَّةِ إِنْ كَانَ رَاكِبًا إِلَّا أَن يتَعَذَّر عَلَيْهِ الْقود فيعذر بالركوب إِلَى مصادقة الْخَصْمِ أَوِ الْقَاضِي وَأَمَّا الِاسْتِعْمَالُ الْمُنْقِصُ فَيُمْنَعُ كَلُبْسِ الثَّوْبِ.

.الْمَانِعُ الرَّابِعُ: ذَهَابُ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقِيَامِ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ إِلَّا أَنْ يَبْقَى عُلْقَةٌ كَالطَّلَاقِ فِي الزَّوْجَيْنِ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَالا يُؤْمَنُ عَوْدُهُ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَوْتِ فَقَالَ مَالِكٌ كَالطَّلَاقِ لِبَقَاءِ الْعدة وَقد يكون مِنْهُ ولد لَا يعلم وَقَالَ ابْن حبيب لبس بِعَيْبٍ لِلنَّاسِ وَإِنْ ذَهَبَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقِيَامِ فَلَا رَدَّ أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رَدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ ذَهَبَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا رَدَّ إِلَّا إِن لم تؤمن عودته كخدام أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوِ الْأَجْدَادِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَاهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا رَدَّ قَالَ وَكَذَلِكَ أَرَى إِذَا اشْتَرَاهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّهَا تُوقَفُ حَتَّى تَحِيضَ فَلَا مَضَرَّةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْوَخْشِ لِأَنَّهَا تُشْتَرَى عَلَى أَنَّهَا تُقْبَضُ بِالْحَضْرَةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَى أَنه علم لَهَا زوجا طَلقهَا لَكِن يَعْتَقِدُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَلَوْ جَهِلَ الزَّوْجُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنِ انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَتَزْوِيجُ الْعَبْدِ بِغَيْر إِذن سَيّده عيب فَإِن فَسَخَهُ السَّيِّدُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَلَّقَ الْعَبْدُ لِأَنَّ تَعَدِّيَهُ فِي ذَلِكَ يَشِينُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَرُدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ تَخَلَّقَ عَلَى سَيِّدِهِ حَتَّى زَوَّجَهُ وَالدَّيْنُ عَيْبٌ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ السَّيِّدُ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَسْتَدِينَ فِي سِعَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ خُلُقٌ يَبْقَى قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَتِ الْمُدَايَنَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ لِلْجُرْأَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِسْقَاطُ الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ يُسْقِطُ الرَّدَّ بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَإِذَا حَدَثَتِ الْحُمَّى فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَذَهَبَتْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رَدَّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُرَدُّ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ سَبَبِهَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يُسْتَأْنَى بِهِ فَإِنِ اسْتَمَرَّ بِدُونِهِ لَمْ يَرُدَّ وَالضَّابِط أم الْعَيْبَ إِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَوْدُهُ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ رُدَّ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالَةِ السَّابِقَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَخْبَرَ البَائِع بِالطَّلَاق عِنْد العقد برِئ وَلَا يَطَأهَا الْمُشْتَرِي وَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الطَّلَاقِ أَوِ الْوَفَاةِ لِثُبُوتِ أَصْلِ الزَّوَاجِ إِذَا لَمْ تَكُنْ طَارِئَةً أَوْ قَدِمَتْ مِنْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْلَامِ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ وَالزَّوْجِ.
فرع:
فِي الْكتاب: إِذا انْقَطع الول فِي الْفراش لَهُ الرَّد إِذْ لَا يُؤمن عوده:

.الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْمَوَانِعِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرَّدِّ:

عَلَى وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ تَغْيِيرُ الْمَبِيعِ وَالتَّغْيِيرُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:

.الضَّرْبُ الْأَوَّلُ تَغْيِيرٌ يُفِيتُ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَيْنِ:

فَيَمْنَعُ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُهَا كَالْمَعْدُومَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا.

.الضَّرْبُ الثَّانِي: تَغْيِيرٌ لَا بَالَ لَهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ:

وَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَفِي الْكِتَابِ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَلَا نَمَاءٌ وَلَا عَيْبٌ خَفِيفٌ كَالرَّمَدِ وَالْكَيِّ وَالدَّمَامِيلِ وَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ وَذَهَابِ الظُّفْرِ وَلَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ نَقَصَهُ وَكَذَلِكَ الْأُنْمُلَة فِي الْوَحْش قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ البيع الْفَاسِد تفيته حِوَالَة الْأَسْوَاق: دخل الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي زِيَادَةِ السُّوقِ وَنَقْصِهِ وَهَاهُنَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الرَّدِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوِ الزِّنَا أَوِ السَّرِقَةِ أَوِ الْإِبَاقِ فَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ هَذِهِ قَدْ تَنْقُصُهُ كَثِيرًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَائِعِ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْخَفِيفِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي: أَنَّ الْبَائِعَ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي قَالَ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ: التَّسْوِيَةُ فَيَلْحَقُ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ.

.الضَّرْبُ الثَّالِثُ: تَغْيِيرٌ لَهُ بَالٌ وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ:

فيخَّير بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوِ الرَّدِّ وَمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ وَفِي الْكِتَابِ: إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مَعِيبًا وَيَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ فَذَلِكَ لَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: لَا يُسْمَعُ مِنَ الْبَائِعِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْخِيَارَ حُكْمٌ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَتْمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ إِبْطَالِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا قَطَعَهُ وَخَاطَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: أَعْطِنِي فِي الْخِيَاطَةِ وَلَا أُلْزِمُكَ نُقْصَانَ الْقَطْعِ حَتَّى لَا تُمْسِكَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ طَرْحِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إِذَا لَمْ يَخُطْهُ لِأَنَّهُ بِالْخِيَاطَةِ صَارَ شَرِيكًا فَلَا يَسْتَقِلُّ شَرِيكُهُ بِإِبْطَالِ شَرِكَتِهِ وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ: أَنَّ الْقِيَامَ بِالصَّبْغِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَجَعَلَ الشَّرِكَةَ بِمَا زَادَ الصِّبْغُ وَجَعَلَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إِذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَنَّ الشَّرِكَةَ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ دُونَ زِيَادَةٍ لِأَنَّ الرَّادَّ بِالسُّكُونِ شَكَّ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ وَالْمُسْتَحِقُّ مِنْ يَدِهِ مُكره فَيُشَارِكُ بِالْقِيمَةِ وَبِقَوْلِنَا قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ش) و (ح): حُدُوثُ الْعَيْبِ عِنْدَهُ يَمْنَعُ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِأَنَّ الرَّدَّ شُرِعَ لِدَفْعِ الظُّلَامَةِ وَالضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرَى وَالرَّدُّ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ لَا يُشْرَعُ دَفْعُهُ بِالضَّرَرِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُهُ الْأَرْشَ فِي الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعُيُوبِ الْمُبَيَّنَةِ كَالْعَمَى وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَ حَقَّانِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ بَقَاءَ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ بُطْلَانه لِأَنَّهُ وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ مُوجَبُ الْبَقَاءِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْبَائِعَ مُفَرِّطٌ فِي عَدَمِ إِطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِ سِلْعَتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ رَجَّحْنَا ضَرَرَهُ أَوْ يَقُولُ: حَقُّ الرَّدِّ ثَابِتٌ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَذِمَّةُ الْبَائِعِ مَشْغُولَةٌ بِبَقَاءِ جُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ فَرجع ذَلِكَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَلَأَنْ يَجْبُرَ الضَّرَرَيْنِ: ضَرَرَ الْبَائِعِ بِالْأَرْشِ وَضَرَرَ الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ يَتَضَرَّرُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ بِإِلْزَامِهِ مَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي: الْفَرْقُ بِأَنَّ ذَهَابَ أَكْثَرِ الْمَنَافِعِ يُصَيِّرُ الْمَبِيعَ مَعْدُومًا لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَالْمَعْدُومُ يَسْتَحِيلُ رَدُّهُ وَعَنِ الثَّالِثِ: مَنْعُ التَّعَارُضِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرَى ثَبَتَ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرُوهُ بِمَا إِذَا تَقَارَرَا عَلَى الْعَيْبِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَدَّقُ فِي اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُحِبُّ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ سَبَبَ التَّدْلِيسِ أَمْ لَا وَكَمَا لَوْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالصَّدَاقِ كُلِّهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ إِنْ كَانَ غَيْرَ السَّيِّدِ وَلَوْ دَلَّسَهَا هُنَا غَيْرُ السَّيِّدِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ.
تَفْرِيع:
فِي الْجَوَاهِرِ: فِي الْكِتَابِ: الْعَمَى وَالشَّلَلُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ وَرَآهُمَا ابْنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ رَأَى قَطْعَ ذَنَبِ الْبَغْلَةِ الْمَرْكُوبَةِ وَالْفَرَسِ الْمَرْكُوبِ وَالْمَشْهُورُ: عَجَفُ الدَّابَّةِ وَهِرَمُ الْعَبْدِ مِنَ الضَّرْبِ الثَّالِثِ وَرَآهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الْأَوَّلِ وَبِثَمَنِ الْأَمَةِ الْهَزِيلَةِ مِنَ الثَّالِثِ وَقِيلَ: مِنَ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَكِبَرُ الصَّغِيرِ مِنَ الْأَوَّلِ وَقِيلَ: مِنَ الثَّالِثِ وَالْوَطْءُ فِي الثَّيِّبِ مِنَ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: مِنَ الْأَوَّلِ وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ مِنَ الثَّالِثِ وَتَزْوِيجُ الْأَمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الثَّالِثِ وَقِيلَ مِنَ الثَّانِي وَرَآهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ مِنَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ إِذَا وَلَدَتْ جُبِرَ النَّقْصُ مِنَ الْوَلَدِ وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ كُلِّهَا: النَّظَرُ إِلَى عِظَمِ الْعَيْبِ فَمَنْ عَظُمَ عِنْدَهُ جَعَلَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَمَنْ لَا يرى ذَلِك جعله من غَيره ووافقنا ابْن حَنْبَل فِي وطئ الثّيّب لَا يرد شَيْئا ويردد عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ش) و (ح): يَمْتَنِعُ رَدُّهَا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ فِي رَدِّ الْأَرْشِ فِي الْبِكْرِ وَمَنَعَ (ش) و (ح) ومورد ابْن مسلمة: أَن الْمَنَافِع البُضع عِنْدَنَا كَمَنَافِعَ الْبَدَنِ مِنَ الِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَهُمَا مُلْحَقَةٌ بِالْأَجْزَاءِ فَالْوَطْءُ كَقَطْعِ عُضْوٍ يَمْنَعُ الرَّد عدهما واستدلا بِأَن الْوَطْء جِنَايَة فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو من عُقُوبَة أَو مَال أَو وَقْعٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلِأَنَّهُ يُحَرِّمُهَا بِوَطْئِهِ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ فَهِيَ جِنَايَةٌ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ بِهِ جَمِيعُ الْبَدَلِ فِي النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مِقْدَارِ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُوضِحَةِ وَالْمَنَافِعُ تُقَابِلُ مِنَ الْأَجْرِ تَقْدِيرَهَا وَلِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ فَيُؤَدِّي لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي مِلْكٍ خَالِيًا عَنِ الْعُقُوبَةِ وَالْغَرَامَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ جِنَايَةٌ فَالْجِنَايَةُ عِنْدَنَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَعَنِ الْآخَرِ: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْوَاقِعِ بَلِ الْمَنْهِيُّ وَطْءٌ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ هَلَكَتْ كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ وَجَزَاءُ جَهَالَةٍ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَمَا صَحَّتِ الْإِقَالَةُ ثُمَّ يَتَأَكَّدُ قَوْلُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى وَطْءِ الزَّوْجِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَتَلَذُّذِ الْمُشْتَرِي بِالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ وَنَقُولُ فِي الثَّيِّبِ: لَا يَنْقُصُ عَيْنُهَا وَلَا يَجِبُ فِيهَا أَرْشٌ كَمَا لَوْ نَظَرَ إِلَيْهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ بِذَهَبٍ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَهلك الآخر رد الْعَيْب وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ وَصَفَاهُ وَقُوِّمَتِ الصِّفَةُ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ صُدِّقَ الْبَائِعُ مَعَ يمنيه إِنِ انْتَقَدَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ الرَّدُّ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ شَاءَ الْمُبْتَاعُ التَّمَسُّكَ وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ خُيِّرَ الْبَائِعُ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إِبْطَالُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إِذَا اسْتَحَقَّ مِمَّا بَعُدَ عَلَى غَيْرِ الْأَجْزَاءِ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّمَسُّك بِالْبَاقِي لِأَن حِينَئِذٍ مَجْهُولٌ وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ لَهُمَا وَالتَّمَسُّكُ بِهِ عَن الثّمن مَجْهُول فيهمَا أَن الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا إِذَا رَدَّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي يَغْرَمُ أَرْشَ الْقَدِيمِ فِي التَّمَسُّكِ وَيُرِيد فِي وَقَوله فِي الْعَبْدَيْنِ: كَانَ الْمَعِيب وَجه الصَّفْقَة أَولا لِأَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُصدق الْبَائِعُ انْتَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّ الثَّمَنَ وَجَبَ لَهُ فإسقاطه غُرْمٌ هَذَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ عَرْضًا رَدَّ الْمَعِيبَ إِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَقِيمَةُ الْهَالِكِ مُطْلَقًا لَا عَلَى الْمُحَاصَّةِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ إِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ الثَّمَنُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ بَيْعٍ وَالْبَاقِي مِنْهُمَا وَجْهُ الصَّفْقَةِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ ثَمَنٌ لَا فِي عَيْنِهِ لتعيُّن الْقِيمَةِ كَالْفَوْتِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِعَيْنٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ فَهِيَ كَالْعَيْبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَنِ الْعَيْنِ وَمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الْتِزَامَ الْقِيَمِ ضَرَرٌ فِي غَيْرِهِمَا فَإِنِ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سِوَى الْمِائَةِ دِينَارٍ: فَفِي الْكِتَابِ: يَرُدُّ الْعَيْبَ بِحِصَّتِهِ بِخِلَافِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بَيْعًا يُرِيدُ: وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْعَيْب الْأَدْنَى يَلْتَزِمُ الْأَعْلَى بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ ذَكِيَّةٍ أَوْ مِائَةَ أُردب فَوَجَدَ خَمْسِينَ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَهُ أَخْذُ الشَّاةِ بِحِصَّتِهَا وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا فِي الطَّعَامِ أَوْ شَاةٍ مِنَ الشِّيَاهِ لَزِمَهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِبَقَاءِ الْمَقْصُودِ وَكَذَلِكَ جِرَارُ الْخَلِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيد: إِذا اشْترى الشاتين على الْوَزْن وتساويا فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ ثَمَنَ الْبَاقِي حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ: لَا يَسْتَقِيمُ هَذَا بَلِ اشْتَرَاهُمَا غَيْرَ مَسْلُوخَتَيْنِ لِأَنَّ حُكْمَ الذَّكَاةِ لَا يُعْلَمُ إِلَّا قَبْلَ السَّلْخِ حَتَّى يَنْظُرَ الْعُتُقَ وَلَوِ اشْتَرَاهُمَا عَلَى الْوَزْنِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْوِيمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَيُحْتَمَلُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ السَّلْخِ عَلَى عَدَمِ الذَّكَاةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَوْ جُهِلَتِ الذَّكِيَّةُ فُسِخَ الْبَيْعُ لِتَحْرِيمِ أكلهما وَلَو أكل أحديهما وَشَهِدَ أَنَّ إِحْدَيْهِمَا غَيْرَ ذَكِيَّةٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَربَاع الثّمن الْبَاقِيَةِ وَنِصْفُ ثَمَنِ الْمَأْكُولَةِ لَوْ نَزَعَ التَّدَاعِيَ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَسَامِي إِذَا اشْتَرَى جِرَارَ خَلٍّ فَوَجَدَ بَعْضَهَا خَمْرًا فَاشْتَغَلَ أَيَّامًا عَنِ الرَّدِّ ثُمَّ وَجَدَهَا صَارَتْ خَلًّا سَقَطَتْ حِصَّتُهَا مِنَ الثَّمَنِ لِعَدَمِ بَدَلِهَا لِلْمُعَاوَضَةِ قَالَ أَشْهَبُ: لَوْ وَجَدَ مِنَ الْعَشَرَةِ وَاحِدَةً خَلًّا لَزِمَتْهُ بِحِصَّتِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ: يَفْسَخُ الْبَيْعُ هَاهُنَا لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا وَكَالْأُمِّ وَابْنَتِهَا فِي عَقْدٍ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ وَمُدْرَكُ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الصِّحَّةِ فَهُوَ كَالِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: نَقْصُ الطَّعَامِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَادَةً فَلَا قِيَامَ بِهِ وَمَا لَا عَادَةَ فِيهِ وَهُوَ يَسِيرٌ فَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ وَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِلَالِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ الْعَشَرَةُ مِنَ الْمِائَةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْكَثِيرُ الْمُخِلُّ بِالصَّفْقَةِ لَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ إِلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ ضَرَرَ التَّفْرِيقِ حَقٌّ لَهُ قِيلَ: حَدُّ الْكَثِيرِ الْعِشْرُونَ مِنَ الْمِائَةِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ جِدًّا فَلَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ إِلَّا بِرِضَاهُ وَلَا أَخَذَ لَهُ إِلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ لِضَرَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: فَلَوِ اشْتَرَى دَارًا مُزَارَعَةً فَوَجَدَ زِيَادَةً خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ حِصَّةِ الزِّيَادَةِ أَوْ يَرُدُّ الْبَيْعَ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَهَا الْبَائِعُ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي ثَوْبٍ فَهِيَ لِلْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَ يَرُدُّهُ بِالنُّقْصَانِ لِأَنَّ الثَّوْبَ إِنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ غَالِبًا بِخِلَافِ الدَّارِ فَكَانَ لِلْبَائِعِ الزَّائِدُ وَأَمَّا الصُّبْرَةُ: فَيَرُدُّ زِيَادَتَهَا وَيَلْزَمُهُ مَا بَقِيَ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَقِيلَ: الدَّارُ كَالشَّقَّةِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبِنَاءِ وَالْمَنَازِلِ فملغاةٌ لِدُخُولِهَا فِي الْحُدُود.
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى سِلَعًا بِمِائَةٍ وَسَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ ثَمَنًا فَيَرُدُّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى تَسْمِيَتِهِمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُتَّحِدٌ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَعِيبِ خَمْسِينَ وَقِيمَةُ كُلِّ سِلْعَةٍ سِوَاهُ ثَلَاثِينَ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ حَتَّى تَكُونَ حِصَّتُهُ أَكْثَرَ الثَّمَنِ مِثْلَ سبعين من«إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ وَلَكَ الْخِيَارُ ثَلَاثًا» فَلَوْ ثَبَتَ خِيَارُ الْغَبْنِ لَمَا تَقَدَّرَ بِالثَّلَاثِ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تكون تِجَارَة} وَهَذِه تِجَارَةٌ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَو وجد قيمَة الْمَعِيب أَضْعَاف ثمنه وَله الرَّدُّ وَلَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْقِيمَةُ مَعْقُودًا عَلَيْهَا فَيَكُونُ الْخَلَلُ فِي غَيره الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنه حجَّة لنا لقَوْله: «لَا خلاية» أَي فِي اشرع فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى نَفْيِهَا وَأَنْتُمْ تُثْبِتُونَهَا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَتَقْدِيرُهُ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً فَكُلُوهَا بِالسَّبَبِ الْحَقِّ وَهَذَا لَيْسَ حَقًا لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْمَعْقُودَ إِنَّمَا يَعْتَمِدُ وَصْفَ الْمَالِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَإِذَا كَانَ مُعْتَمَدُ الْعَقْدِ وَصْفَ الْمَالِيَّةِ كَانَ الْخَلَلُ فِيهَا خَلَلًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيُؤَثِّرُ وَلَوْ لم يكن الْعرض الْمَالِيَّةَ فِي الْعَقْدِ لَبَطَلَ الرِّضَا بِعَيْبِ الْمُنْقِصِ لَهَا تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: حَيْثُ قُلْنَا بِالْخِيَارِ فَقِيلَ: حَيْثُ يُغْبَنُ بِالثُّلُثِ وَقِيلَ: مَا شَهِدَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْغَبْنِ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ التُّجَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إِذَا شَبَّهَ السِّلْعَةَ بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَلَهُ الرَّدُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَاعَ حَجَرًا بِدِرْهَمٍ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتٌ لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَوْ شَاءَ لَاسْتَتْبَتَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَذَلِكَ إِذَا قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي الْحَجَرَ لِأَنَّ الْيَاقُوتَ يُسَمَّى حَجَرًا وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الزُّجَاجَةُ وَهِيَ يَاقُوتَةٌ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا لَوْ قَالَ: يَاقُوتٌ وَهُوَ زُجَاجٌ فَإِنْ سَكَتَ فَلَا مَقَالَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى حَجَرًا يَظُنُّهُ يَاقُوتًا أَوْ فَوَجَدَهُ غَيْرَهُ إِنَّمَا يَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا أَمَّا إِذَا سَمَّى فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَأَمَّا القُرط يَظْهَرُ نُحَاسًا وَهُوَ عَلَى صِفَةِ أَقْرَاطِ الذَّهَبِ يُرَدُّ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَيْنٌ فَإِنْ أَوْهَمَ أَحَدُهُمَا فِي التَّسْمِيَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَهُ الرَّدُّ كَالتَّصْرِيحِ وَقِيلَ: لَا رَدَّ لَهُ كَعَدم التَّصْرِيح وَقَالَ بعض شُيُوخنَا: الْبَيْعُ فِي سُوقِ الْجَوْهَرِ كَالتَّصْرِيحِ بِالْجَوْهَرِ وَلَهُ الرَّد وَإِلَّا فَلَا.